Aladdin Library

التاريخ هو مادة تعليمية قائمة بذاتها، تطورت من خلال دراسات تخصصية في الجهات الفاعلة، الأماكن، المؤسسات، وبعض الشيء، بفضل وضع مجموعة من المعطيات في سرد واحد، مفنداً لرؤية واحد لرعيل واحد من الكتاب، مانحة لأجيال عناوين بارزة حول مضمون أبحاثهم، بل هي نبض رسالاتهم كمؤرخين.
إن كتاب راؤول هيلبرغ هو من هذه النوعية، حيث يصف بشكل نهائي الإبادة بوصفها عملية، مميزاً بين مراحلها ومحدداً لإنشاءات التدمير كتحديد هوية الضحايا بقرار؛ استحواذ ومصادرة الأملاك؛ ومخيمات التجميع؛ وعمليات القتل المتنقلة؛ وعمليات الترحيل؛ ومراكز تنفيذ الحكم بالإعدام. في هذا الإطار، وضعت جميع عمليات التأريخ الدولي للإبادة، مصححين محلياً لرواية هيلبرغ، الذي، عمل بدوره، على إدخال كل هذه المساهمات في هذه الطبعة الجديدة، المحدثة والنهائية.
كان راؤول هيلبرغ، مواليد 1926، وهو أستاذ في العلوم السياسية في جامعة فرمون، شاهداً في شبابه على صعود الرايخ الثالث، ثم، وهو بلباس الزي الأميركي، شهد سقوط هذا النظام في العام 1944-1945. كما كان عضواً في مشروع التوثيق للحرب و في مستشارية ذكرى الإبادة في الأمم المتحدة، كما كان شاهداً في وزارة العدل في القضايا المقدمة ضد منفذي الجريمة، عندما بدأ راؤول هيلبرغ أبحاثه حول تدمير يهود أوروبا منذ العام 1948.
شرح راؤول هيلبرغ الصعوبات الهائلة التي واجهها، في نهاية الخمسينات، في طباعة النسخة الأولى من هذا المؤلف، الذي لم يكن ليهم أحداً من الناشرين الكبار في ذلك الوقت، ولا حتى الفلاسفة: اجتهد حنا أرندت في العمل على رفض المخطوط من قبل إحدى أكبر دور النشر الجامعية الأميركية. فقط في الستينات، وبوجه خاص، اعتباراً من محاكمة أينشمان في القدس، بدأ الغرب في التحول من النسيان الكامل الى فيض الذاكرة (الترجمة الفرنسية، راؤول هيلبرغ، سياسية الذاكرة، غاليمار، 1996)